responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 10  صفحه : 172
[سورة النحل (16): آية 93]
وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَلَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (93)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً) أَيْ عَلَى مِلَّةٍ وَاحِدَةٍ. (وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ) بِخِذْلَانِهِ إِيَّاهُمْ، عَدْلًا مِنْهُ فِيهِمْ. (وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) بِتَوْفِيقِهِ إِيَّاهُمْ، فَضْلًا مِنْهُ عَلَيْهِمْ، وَلَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ بَلْ تُسْأَلُونَ أَنْتُمْ. وَالْآيَةُ تَرُدُّ عَلَى أَهْلِ الْقَدَرِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَاللَّامُ فِي" وَلَيُبَيِّنَنَّ ولَتُسْئَلُنَّ" مَعَ النُّونِ الْمُشَدَّدَةِ يَدُلَّانِ عَلَى قَسَمٍ مُضْمَرٍ، أَيْ وَاللَّهِ ليبينن لكم ولتسئلن.

[سورة النحل (16): آية 94]
وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (94)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ) كَرَّرَ ذَلِكَ تَأْكِيدًا. (فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها) مُبَالَغَةً فِي النَّهْيِ عَنْهُ لِعِظَمِ مَوْقِعِهِ فِي الدِّينِ وَتَرَدُّدِهِ فِي مُعَاشَرَاتِ النَّاسِ، أَيْ لَا تَعْقِدُوا الْأَيْمَانَ بِالِانْطِوَاءِ عَلَى الْخَدِيعَةِ وَالْفَسَادِ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا، أَيْ عَنِ الْأَيْمَانِ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ بِاللَّهِ. وَهَذِهِ اسْتِعَارَةٌ لِلْمُسْتَقِيمِ الْحَالِ يَقَعُ فِي شَرٍّ عَظِيمٍ وَيَسْقُطُ فِيهِ، لِأَنَّ الْقَدَمَ إِذَا زَلَّتْ نَقَلَتِ الْإِنْسَانَ مِنْ حَالِ خَيْرٍ إِلَى حَالِ شَرٍّ، وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُ كُثَيِّرٍ:
فَلَمَّا تَوَافَيْنَا ثَبَتُّ وَزَلَّتِ

وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِكُلِّ مُبْتَلًى بَعْدَ عَافِيَةٍ أَوْ سَاقِطٍ فِي وَرْطَةٍ: زَلَّتْ قَدَمُهُ، كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
سَيُمْنَعُ مِنْكَ السَّبْقُ إِنْ كُنْتَ سَابِقًا ... وَتُقْتَلُ إِنْ زَلَّتْ بِكَ الْقَدَمَانِ
ويقال لمن أخطأ في شي: زَلَّ فِيهِ ثُمَّ تَوَعَّدَ تَعَالَى بَعْدُ، بِعَذَابٍ فِي الدُّنْيَا وَعَذَابٍ عَظِيمٍ فِي الْآخِرَةِ. وَهَذَا الْوَعِيدُ إِنَّمَا هُوَ فِيمَنْ نَقَضَ عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ مَنْ عَاهَدَهُ ثُمَّ نَقَضَ عَهْدَهُ خَرَجَ مِنَ الْإِيمَانِ، وَلِهَذَا قَالَ: (وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) أَيْ بِصَدِّكُمْ. وَذَوْقُ السُّوءِ فِي الدُّنْيَا هُوَ مَا يَحِلُّ بِهِمْ مِنَ الْمَكْرُوهِ.

نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 10  صفحه : 172
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست